Digitizing The Senses of Smell and Taste | رقمنة حاستي الشم والتذوق
التصنيف | مقالات وتدوينات |
وقت النشر |
2024/09/22
|
الردود |
0
|
رقمنة حاستي الشم والتذوق
هل ممكن يوم من الأيام نقدر نتواصل بحاستي الشم والتذوق؟
جاء هذا السؤال في بالي يوم من الأيام، وبدأت أبحث عنه، ولقيت الكثير من المعلومات المُثيرة للاهتمام، والكثير من العلماء والشركات خلال السنوات الماضية كانوا مهتمين بهذي الفكرة، واشتغلوا عليها، ونفذوا عليها الكثير من الأبحاث والتجارب، واستثمر فيها العديد من الشركات والحكومات، لكن ليش للحين هذي التقنية مو موجودة؟
هذا ما سنتعرف عليه سويًّا في هذه المقالة.
كيف يشم الإنسان ويتذوق؟
بدايةً بحاسة الشم، هذي الحاسة جدًا معقدة ومتداخلة مع الجهاز التنفسي، أول ما نستنشق أي رائحة هي تمر بدايةً بالأهداب في المنخار لأجل تنقية الهواء الداخل من الشوائب والأتربة، ثم تستمر الرائحة (بشكل جزيئات صغيرة) بالصعود إلى أعلى تجويف الأنف، وهناك تقابل مستقبلات الشم (الخلايا الشمّية)، وفي هذي المرحلة تكون هذي الخلايا مغلفة بالمخاط فلما تلامسها جزيئات الروائح (وهي عبارة عن مواد كيميائية) تذوب فيها، وكل رائحة مختلفة يكون لها مستقبل شمّي خاص يرتبط بها (عند الإنسان ما يقارب 20 مليون مستقبل شمّي عصبي)، تُحول جينات مستقبلات الشمّ (عند الإنسان ما يقارب 700-500 منها لكن اللي تشتغل فعليًا منها عددها 200-100) الروائح إلى إشارات بعملية تسمى الترميز، وترسلها للدماغ عن طريق الجهاز الشمّي، وعلى خلاف بقية الحواس، إشارات الروائح تصل بشكل مباشر للمنطقة المسؤولة عن المشاعر والعواطف في الدماغ (عشان كذا أول ما نشم ريحة عطر قديم ترجع لنا ذكريات الفترة اللي كنا نستخدم فيها هذا العطر)، وعلى الرغم من تقدم الطب الآن ما زلنا نجهل الكثير حول كيفية تعرف المستقبل على جزيئات الرائحة وتحويلها لإشارات يفهمها الدماغ.
هذي الحاسة معقدة جدًا، صح؟ ما ينتهي الموضوع هنا لا لسى عندنا تعقيدات زيادة. لمن نمرض (مثلًا بإنفلونزا) يصير الأكل ما له طعم صح؟ براعم التذوق تضرر عندنا بشكل خفيف، وهنا يوضح لنا مدى تعقيد حاسة الشم، حنا في الغالب نقدر نتعرف على طعم الأكل من خلال ريحته! عشان كذا وقت المرض يصير الأكل ماله طعم أو يكون طعمه خفيف، لأننا ما نشمه بكل بساطة، وهذا يفسر ليش الناس تقدر تتخيل طعم أشياء مستحيل ناكلها عن طريق ريحتها فقط (تخيلوا قد ايش صعوبة الحياة لو ما كنا نقدر نشم) يعني كخلاصة لما سبق أن حاسة الشم نقدر نشم بها ونتذوق الأكل.
ليش كل شخص يشم الروائح بشكل مختلف؟ تحديد الروائح والتعرف عليها يختلف من شخص للثاني ويعتمد على عوامل كثير منها:
- الجينات، حساسيتنا للروائح تختلف من شخص لآخر (مثلًا بعض الناس يحب ريحة الفانيليا لكن البعض يعتبرها ريحة مزعجة، ممكن تكون حساسية المستقبلات عند هذا الشخص لهذي الرائحة تحديدًا قوية فتكون مزعجة بالنسبة له).
- العمر، مع التقدم في السن تقل حساسية المستقبلات الشمّية عندنا.
- الذكريات المتعلقة بنوع معين من الروائح (مثلًا لو كانت رائحة معينة مرتبطة عند شخص بذكرى سيئة أكيد بيكره هذي الرائحة).
- الهرمونات (عند النساء في فترة الحمل يمكن أن تزيد حساسية المستقبلات الشمّية).
- وأخيرًا التكيف، جرب تستخدم نفس العطر كل يوم لمدة طويلة، في البداية بيكون مميز بالنسبة لك وتشم ريحته بشكل مستمر، لكن مع الوقت بتعتاد عليها ومستقبلات الشم عندك تقل حساسيتها اتجاه هذي الرائحة فممكن تحس إن هذا العطر قلّ ثباته (نفس إحساسنا أن كل بيت له ريحه مميزة في ذاكرتنا لكن ما نقدر نشم ريحة بيتنا، ببساطة لأننا اعتدنا عليها).
التذوق عندنا أبسط بكثير من الشم وإمكانية التذوق أقل قدرةً من الشمّ، فمن الصعب على براعم التذوق تمييز الأطعمة المختلفة والمعقدة بالطعم فقط.
كيف تشتغل حليمات التذوق عندنا؟ حليمات التذوق هي المسؤولة عن تحديد نوع الطعم (وعندنا 5 أنواع أساسية: المالح، الحلو، الحامض، المر، والأومامي) كل حليمة تذوق يوجد داخلها مجموعة من براعم التذوق، ويختلف عدد البراعم باختلاف نوع الحليمات ومكانها، وهذي الحليمات موزعة بشكل كامل داخل الفم، وكل جزء من البراعم يكون حساس لطعم معين أكثر من الثاني، وعندنا داخل كل برعم تذوق خلايا ذوقية (50-150 خلية) وكل خلية داخلها شعيرات تحول المذاق اللي تذوقته (بعدما يحلل اللعاب الطعام لجزيئات صغيرة يقدر برعم التذوق اكتشافها) كإشارة كيميائية إلى إشارة كهربائية وترسلها لمنطقة في الدماغ (القشرة التذوقية) لتحديد نوع النكهة، ولو فيه ذكريات أو مشاعر مرتبطة بها. تقدر براعم التذوق التعرف على جميع أنواع الطعم على حدٍ سواء، لكن بعض مناطق اللسان تكون حساسيتها اتجاه طعم معين أكثر من البقية.
لكن مثل ما ذكرت سابقًا، أن عملية التذوق لا تعتمد على حاسة الذوق فقط، بل تشمل الشم، الملمس، والنظر (عشان كذا يقولون العين تأكل قبل الفم).
بعدما تعرفنا على كيفية عمل هذي الحاستين نقدر نتخيل كيف ممكن نطبق هذي الفكرة في الحياة الواقعية.
ليش نحتاج هذي التقنية وكيف ممكن تغير شكل عالمنا الحالي؟
هذي الفكرة قد يكون لها فوائد أكثر من مجرد المتعة وإثراء الواقع الافتراضي، ممكن تفيد المرضى اللي يعانون من اضطرابات التذوق بشكل عام، حيث تُساعدهم على إنهم يستعيدون أو يجربون هذي الحاسة حتى لو كان الجهاز الشمّي متضرر عندهم.
ننتقل للجزء الممتع من هذا الاختراع، تخيلوا معي إننا نقدر ننقل الطعم والرائحة، بنقدر نعرف طعم الأكل قبل نطلبه، نقدر نشم رائحة العطر قبل نطلبه كمان، أو ممكن إننا ما نصير نحتاج عطور أصلًا ونصير نكتفي إن أجهزتنا المحمولة تطلق إشارات بالرائحة اللي نختارها طول الوقت وبأقل تكلفة!! معطرات الجو والفواحات بتصير شي من الماضي، بنصير نكتفي بجهاز نحطه في الغرفة ونحدد الرائحة اللي نبيه ينشر إشاراتها.
مُبهر صح؟ الخيال ما يوقف هنا في كثير جوانب من حياتنا بتتأثر بهذا الاختراع لو وجد، تخيلوا معي مرة ثانية، يوم يكون بخاطرك تروح تجلس قدام البحر، لكن عندك التزامات، أو ما تقدر تخرج من بيتك، أو مدينتك ما فيها بحر فلازم تسافر له، أو بكل بساطة تكون مطفر، بسيطة شغل فيديو لإطلالة على البحر، ويكون هذا الفيديو مُدمج برائحة البحر، وأبد، تكي وأنت في بيتك (كان بيكون اختراع لطيف وقت الحجر) واستمتع بالنزهة، أو ممكن لو ما كنت مطفر تقدر تشتري نظارة الواقع الافتراضي لتجربة أفضل. تخيلتوا مدى قوة هذا الاختراع؟ بنقدر نبني عوالم خيالية بتجربة كاملة ننغمس فيها بكل حواسنا وتعزلنا عن العالم الحقيقي (هذا الجزء يخوف نوعًا ما).
بنقدر ندمج كل حواسنا عند استخدام الإنترنت ونحظى بتجربة تواصل متكاملة ومثرية.
بعد القليل من الخيال نرجع لواقعنا، ليش ما شفنا هذا الاختراع للآن؟
بالرغم من أن العديد من العلماء والجهات قد نفذوا عدة أبحاث ومشاريع في هذا المجال من الثمانينيات تقريبًا، وين المعضلة؟
خلونا نمر بشكل سريع على الرحلة الزمنية لتطور هذي الفكرة عشان نفهم الخلل:
بدايةً في عام 1851 طرح العالم الكيميائي Schönbein أول تساؤل، وهو "هل بنقدر نشم، ونحس برائحة الإشارات الكهربائية؟"
بعد ذلك في فترة من عام 1961 إلى عام 1997 تقريبًا أجرى العلماء العديد من التجارب على الأرانب والإنسان من خلال زرع أقطاب كهربائية في الفص الجبهي من الدماغ وتنشيط البصلة الشمّية لدى الإنسان كهربائيًا، كان لهذي التجارب دور كبير في تعزيز وتغذية المعلومات والحقائق حول حاسة الشم عند الإنسان.
في عام 1959 قامت أحد دور السينما بضخ رائحة توافق أحداث المَشاهد المعروضة لتعزيز تجربة المتفرج بنظام اسمه (AromaRama) وهو نظام يضخ الروائح من فتحات السقف، لكن فشل هذا النظام بشكل سريع وانسحب من دور العرض، في عام 1960 حاولت أحد الدور أيضًا إعادة هذي التجربة بنظام آخر اسمه (Smell-O-Vision) وفشل هو الآخر، المشكلة تكمن في إنه نظام بطيء جدًا، توصل الروائح للمشاهد بعد انتهاء المشهد المطلوب، وكذلك الريحة تطول حتى تختفي، فالتجربة بشكل عام ما كانت الأفضل، لكن تبقى تجربة.
في عام 1973 أُجريت أحد الأبحاث بعنوان "التحفيز الكهربائي للروائح في فرنسا"، وكان بحث ناجح استطاع استنباط بعض الروائح مثل الفانيليا، اللوز، رائحة الحرق، لكن المشكلة كانت في التحقق من فعالية هذا البحث.
وفي عام 1999 أُطلق منتج اسمه (iSmell) من قبل شركة DigiScents كان عبارة عن ملحق نوصله بالكمبيوتر، ويحتوي على 128 رائحة أولية، ولما يزور المستخدم موقع أو يفتح إيميل يحتوي على رائحة محددة، هذا الجهاز يخلط الروائح الأولية عشان يوصل للرائحة المطلوبة ثم يطلقها، كان مشروع ضخم، واشتغلوا عليه كثير من ناحية فهرسة الروائح وترميزها عشان تُضمن داخل المواقع والإيميل، بعد استثمار بما يقارب 20 مليون دولار أَغلقت الشركة عام 2001 لعدم وجود التمويل الكافي.
وكثير جهات وشركات حاولوا بعدهم لكن كان تركيزهم الأكبر على إن الرائحة تكون موجودة بشكل ملموس (كمعطرات الجو حاليًا)، فما توجهوا لفكرة رقمنة الروائح، وهذا شيء مفهوم نوعًا ما، بما أنه فكرة إنك تعيد تكوين إشارة تُوجّه مباشرةً للدماغ تعتبر شيئاً من وحي الخيال في وقتهم.
كان عندنا تقدم ملحوظ في هذا المجال خلال العشرين السنة الماضية، ولمع اسم أهم عالم كان مهتم بهذا الاختراع ورسم ملامح هذا المجال، هو العالم الأسترالي (Adrian David Cheok) بكالوريوس في الهندسة (الكهربائية والإلكترونية) في عام 1992، ودكتوراه في الهندسة في عام 1998 من جامعة أديلايد-أستراليا.
العالم أدريان مهتم بمجال الواقع الافتراضي والمعزز، وله إنجازات مهمة في هذا المجال، بدأ اهتمامه بفكرة -انتقال الرائحة والطعم عبر الإنترنت- في عام 2011 كأستاذ مشارك من الجامعة الوطنية في سنغافورة، وتحديدًا من معمل (mixedrealitylab) عمل مع مجموعة من الباحثين على ورقة علمية بعنوان (Digital Taste and Smell Communication) شُرح فيها النموذج الأولي لنظام تحفيز التذوق الرقمي، وفكرته كانت كالتالي: يتكون هذا النظام من ثلاثة أجزاء أساسية، وحدة واجهة اللسان، وهي عبارة عن صفيحة من الفضة توضع على اللسان، وحدة التحفيز الكهربائي، وهي المسؤولة عن إرسال النبضات الكهربائية للدماغ، ووحدة التحفيز الحراري مسؤولة عن التحكم بمستويات درجة الحرارة لأنه من الوارد جدًا أن درجة الحرارة تؤثر على مذاق الأكل بشكل كبير، فنحتاج أخذ هذا العامل بعين الاعتبار.
أقاموا بعض التجارب لهذا النموذج على بعض المشاركين، في التجربة الأولى اعتمدوا على التحفيز الكهربائي بشكل منفصل، وفي التجربة الثانية اعتمدوا على التحفيز الحراري بشكل منفصل أيضًا. انتهت هذه التجارب بنتائج جيدة واستطاع النظام تحفيز الطعم الحامض والمالح أكثر من بقية أنوع الطعم، وكذلك اقترحوا بعض التحسينات لهذا الجهاز كإضافة نظام تحفيز كهربائي عميق للدماغ يتم تحفيزه مغناطيسيًا، باعتقادهم أنه يستطيع تحفيز حاستي التذوق والشمّ معًا رقميًّا.
وفي عام 2015 كبروفيسور من جامعة (City University in London) نشر العالم أدريان اختراعين في هذا المجال وهما: Scentee (عبارة عن قطعة نوصلها بالجوال ويكون داخلها عبوات لروائح مختلفة -باختصار تشتغل مثل معطر الجو-) ترسل الروائح من شخص لآخر باستخدام تطبيق مثبت على الجوال، الجهاز الثاني هو عبارة عن أقطاب كهربائية توضع على اللسان تمر بعملية كيمائية تنشر جزيئاتها على اللسان ثم ترسل إشارات كهربائية للدماغ مما يجعله يعتقد بأنه يتذوق طعمًا معينًا.
لكن كما هو واضح ومتوقع فشل الاختراع الأول في الوصول للسوق ولأسباب عديدة، منها بأنه صعب كل شوي تعيد تعبئة الروائح، ولازم عشان الشخص يستقبل الرائحة يكون عنده هذا الجهاز والرائحة اللي أرسلتها له، والروائح محدودة ومباشرة (الموضوع مكلف ومعقد أكثر من اللازم، وبالإضافة إلى أن شركة Apple أزالوا هذا المنفذ من أجهزتهم)، بالنسبة للاختراع الثاني كان واضح من شكله في الصورة الموجودة في الملف بأنه لا يزال تحت التطوير (ومستحيل أحد يثبت حديدتين في لسانه طول الوقت عشان يتذوق طعم الأشياء!).
بعدها في عام 2016 واصل البروفيسور أدريان بحوثه في هذا المجال لكن من مكان آخر وهو Imagineering Institute في ماليزيا تحديدًا (ولايزال يعمل كمدير لهذا المعهد حاليًا)، وهو معهد مهتم بالأبحاث التقنية بشكل عام، أُنشئ من قبل الحكومة الماليزية بالتعاون مع عدد من الجامعات الرائدة في مجال التقنية، عمل فيه مع مجموعة من الباحثين ونشروا ورقة علمية بعنوان (Electrical Stimulation of Olfactory Receptors for Digitizing smell) تضمنت تجربة في تحفيز مستقبلات الشمّ باستخدام نموذج أولي لنظام محاكاة الشمّ ، كان عبارة عن قطبين من الفضة بطول 10 سم يوضعون داخل فتحات الأنف (وتحديدًا في المحارة الأنفية)، وترسل إشارات كهربائية ضعيفة DC electrical pulses (نبضات كهربائية بتيار مستمر، وهي نوع من النبضات الكهربائية التي تتغير قيمتها وترددها لكن اتجاهها يبقى ثابت) إلى جدران المحارة الأنفية، كان هذا الاختراع في 2016 في مرحلة تصميم النموذج الأولي له وإجراء الاختبارات للتحقق من فعاليته، بناءً على ما ورد في الورقة العلمية، يؤمن هذا الفريق بالاعتماد على نتائج اختبارات هذا الاختراع اللي حصلوا عليها في وقتها، أنه من الممكن رقمنة الشمّ ونقله عبر الإنترنت باستخدام مفهوم الإشارات الكهربائية في المستقبل القريب.
تلخيصًا لما سبق، كان التوجه الأكبر في الأبحاث والاكتشافات سابقًا يُركز على مفهوم أن الرائحة نفسها تكون متوفرة فيزيائيًا بشكل مركب كيميائي، وقليل من الأبحاث ركزت على مفهوم ثاني وهو أنه نستنبط ونعيد تكوين الإشارات الكهربائية للرائحة ونرسلها للدماغ.
ومن وجهة نظري المفهوم الثاني يعتبر أكثر واقعية ومنطقية بالرغم من صعوبته وغموض هذا المجال، ليش؟ المفهوم الأول له سلبيات كثير وكان سبب في إنه ما كان متوفر بين أيدينا الآن، تعتبر الفكرة مكلفة بحيث إنا نحتاج تعبئة الروائح كل فترة، محدودية هذا الاختراع تخليه صعب علينا بأننا ننتج روائح معقدة وواقعية، بحيث كان اعتماده الأساسي على الروائح الأساسية، بالإضافة إلى أنه مو كل البشر يستقبلون الروائح بنفس المستوى، بعض البشر يكون حساس اتجاه رائحة معينة فبالتالي، بتكون مزعجة بالنسبة له، وبعض البشر تكون حساسيته اتجاه بعض الروائح ضعيفة فما يشمها أصلًا. بالإضافة إنه صعب التحكم بانتشار الروائح والانتقال بينها، نحتاج إن الانتقال بين الروائح يكون سريع لكن مع هذا المفهوم يستحيل علينا الانتقال السريع بين الروائح، وأخيرًا صعوبة الحفاظ على تركيز الروائح في مستوى معين حيث إنه يعتمد بشكل رئيسي على البيئة المحيطة بالجهاز.
والآن نقدر نفهم ليش هذي الفكرة صعبة التطوير والتطبيق؟
فِهمَنا للنظام الشمّي لدى الإنسان لا يزال محدود، وهذا النظام جدًا معقد ومتداخل مع حواس ثانية. بالإضافة لقلة اهتمام الجهات والحكومات لهذي الفكرة (يظن الكثير أن الفكرة مستحيلة، ومن نسج الخيال!) وهذا شيء أقدر أتفهمه بالنظر للتجارب الفاشلة سابقًا والاستثمارات التي انتهت بخسارة، لكن هذا شيء طبيعي جدًا ما فيه اختراع ينجح من أول مرة، بل إن بعض الاختراعات احتاجت لسنين طويلة وأجيال متتالية لتصل لما وصلت عليه الآن (ولنا في التقنية خير مثال)، صحيح إن هذي الفكرة صعبة، ولكن ليست مستحيلة ومتيقنة كما تيقن علماء قبلي أننا بنشوف هذي التقنية يوم من الأيام على أرض الواقع، وما ندري يمكن هاليوم قرب؟
ختامًا، كيف بنقدر نشوف هذي التقنية يوم من الأيام؟
من وجهة نظري وهي أول طريقة فكرت فيها لمّا جات فكرة هذا الاختراع في بالي بأننا نعتمد مفهوم الإشارات الكهربائية، هي ما بتسهل نقلها بس، لا بتسهل تخزينها علينا، وكذلك استنباطها من الطبيعة من حولنا، يعني بدل ما نوجد هذي الإشارات الكهربائية بأنفسنا ونكونها يصير هذا الاختراع يقدر يشم الروائح المحيطة به ويحولها لشكل إشارات كهربائية ويعيد إرسالها عند الطلب، لأن مثل ما نعرف عدد الروائح من حولنا لا يحصى ويستحيل على الإنسان تكوين كل هذي الإشارات يدويًّا، وبهذي الطريقة أعتقد أن هذا الاختراع بيكون كامل ومتكامل ونقدر وقتها نوفره للاستعمال البشري، وممكن يصير مُدمج مع أجهزة أُخرى نستعملها كل يوم ونصير نتواصل عبر الإنترنت بكامل حواسنا، وبتجربة كاملة ومثرية.
دمتم بخير علماء المستقبل.
بقلم: سلوى عبد العزيز.
نادي Google للطلبة المطورين بجامعة الملك خالد.
التعليقات (0)
لم يتم إضافة ردود حتى الآن...