مقالات وتدوينات
(0)

الرقابة الأبوية في العالم الافتراضي

993 قراءة
1 تعليق
alt
التصنيف مقالات وتدوينات
وقت النشر
2020/07/22
الردود
1

لا شك أن للتقدم والتحضر أثر بالغ في عقيدة النشء وسلوكهم وتفكيرهم بالإيجاب أو السلب، ولذا نجد أن الله تعالى حذرنا من الانبهار مما سيكون عليه اعداء الإسلام من تقدم ورقيّ في جميع نواحي الحياة، وبيّن لنا أن كل ذلك زخرف الحياة الدنيا فقال تعالى }وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ{ ( ) [الزخرف: 33 – 35]. فالعلم المادي واكتشاف الآلة أدى بالناس إلى عيشة رغيدة، فخرج الناس من ركوب الدواب إلى ركوب السيارات والطائرات، ووسائل الاتصال كالإنترنت وتطبيقات وبرامج الجوال الجديدة وسهلت وسائل الراحة والتسلية، والمطاعم والمشارب الفاخرة، والألبسة الأنيقة، والتفنن العجيب في التلذّذ بالحياة، والجري وراء الشهوات والمغريات كل هذا فتح على الناس ألوانًا لم يعهدوها من الاستمتاع بالحياة، والانغماس في الشهوات والملذات. ولمّا كان الدين بوجه عام ينهى عن الإسراف ويأمر بالقصد والاعتدال، ويحرم الاستمتاع بالحرام كالخمر والزنا والتعري فإن الناس الذين يجهلون سر أمر الدين بذلك ظنوا أن هذه قيودًا على حريّتهم، وحجرًا لملذاتهم وشهواتهم. فأصبح بعض الشباب والفتيات لا وقت عندهم للعبادة، ولا لغيرها، وهذا ما أخبر به النبي –صلى الله عليه وسلم- وحذر منه، فقال: فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم» رواه البخاري . فانطلق الناس عبر وسائل العالم الافتراضي وما سهلته الشركات من تنافس عالمي في سرعة الانترنت يلهون ويلعبون، ويتمتعون بكل ما أفرزته الحياة من ملهيات ومغريات، واقتناء كل مستطاع من وسائلها الحديثة، فكان لهذا عظيم الأثر في المزيد من الأجر المادي لهم، ومن أجل ذلك قصر ما يحصله الرجل من مال عن تلبية تلك المطالب، فراحت المرأة تزاحم الرجل في عمله، وتشاركه فيه، للحصول على مزيد من الرفاهية والراحة، وابتدأت اسعار الجنون والرغبة الجامحة نحو اقتناء مغريات الحياة فتطلب ذلك زيادة في الجد والنشاط وانشغالاً بالليل والنهار، وهكذا بدأت الحياة تطحن الإنسان المعاصر وتشغله في ليله ونهاره ولا تترك له فرصة للتفكير حتى نفسه وتربية أولاده أو في مصيره، فهو يعمل في مكتبه أو متجره، أو مصنعه ويعود وقد أرهقه التعب ثم يعود إلى عمله وهكذا دون أن تترك له الحياة المعاصرة وقتاً للفراغ يستطيع فيه أن يفكر في واجباته الدينية والتربوية والنفسية له ولأهل بيته ، فلا وقت عنده للتربية، ولا للعبادات ، وأصبحت النفوس فارغة دينيا وتربويا ، لا تجد ما يملؤها، ونتيجة لهذا الفراغ، بدأت تدور في أذهان الأعداء استغلال هذه الظروف في تغير التنشئة دينيا ونفسيا وتربويا وثقافيا واقتصاديا .. الخ؛ حتى بدأت تساؤلات ملأت هذا الفضاء الافتراضي أسئلة غيبية تشكيكيه وقد عجز بعض الآباء عن إجابات لأبنائهم وتساهلوا هذه التساؤلات، فتسلل الشك إلى نفوس الأولاد والبنات، من ذلك، من خلق هذا الكون؟ ومن خلقنا؟ ولماذا خلقنا؟ وإلى أين نسير؟ وهل لهذا العالم نهاية؟ وهل له من بداية؟ ولماذا يعيش الناس متفاوتين فهذا غني وهذا فقير، وهذا ظالم، وذاك مظلوم، وهذا قاتل، وذاك مقتول؟ وهذا مشهور بتويتر أو يوتيوب أو بالسناب شات وأنا لا، وهذه حسابها بإنستغرام يتبعها مئات الآلاف وأنا لا، وفيم كل هذا؟ بل بقيت هذه الأسئلة حائرة في أكثر النفوس وبلا جواب وذلك أن الإنسان المعاصر المستهلك الذي تطحنه دوامة الحياة لا يجد وقتًا للتفكير في كل هذه الأسئلة. لاشك أن وسائل التواصل الاجتماعي السريعة لعبت دورًا كبيرًا في نقل الأفكار وسرعة إرسالها واستقبالها مما أدى إلى وجود الحيرة عند بعض أبناء المسلمين وإعجابهم الشديد ببعض الأفكار الواردة عليهم وكذلك العمل المنظم للأفكار ونشرها واستهداف شرائح معينه من أفراد المجتمع وجعلهم مصادر للتشكيك في الدين ومحاربته وإنشاء مجموعات وحاضنات لمن عندهم أهواء وضلالات ويمكن جعلهم مبارزين لغيرهم وتضخيمهم وقضاياهم إعلاميا مما اثر على نفسيات المتتبعين لهم وجعلهم رموزا للحرية والفكر .وفي ظل هذه الموجات التغريبيّة والإلحادية على شبابنا كان لزاما على كل ولي أمر مسئول عن رعيته أن يبادر في توجيه الأبناء والبنات في آلية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي ويراقب محتوياتها ومتابعة لبناته ليكتمل البناء فيكونون سدًّا منيعًا لكل متربص بالدين والتربية الإسلامية وأن نبني جيلا وسطيا بين الغلو والتطرف معتدلا ولائه لدينه ووطنه ومجتمعه وأسرته ومعتزًّا وفخورًا بهم . معاذ بن صالح عبدالمحسن العامر

التعليقات (1)

قم بتسجيل الدخول لتتمكن من إضافة رد