تقنيات العرض اللاسلكيّة وتوظيفها في المؤسسات التعليميّة

مقدمة:

تتسم تقنيات التعليم بالجدة والوفرة والتنوع والتطور المستمر، وهذا الأمر يفتح أبوابًا عديدة أمام المسؤولين عن توفير المتطلبات التقنية في البيئات التعليمية ليطيل التفكير في الإجابة على التساؤل: أي التقنيات الحديثة هو الأنسب؟ والذي يحقق جوانب عدة من أهمها: صلاحيتها للبيئة التعليمية كل بحسب المرحلة الدراسية للمتعلمين، إمكانية التعامل معها من قبل المعلمين واستثمارها بشكل أمثل لتحقيق الأهداف التعليمية، مساهمتها في تخفيف تكاليف وأعباء الصيانة والتدريب المستمرة التي تحتاجها غالب التقنيات الحديثة، تعزز عمليات التعليم والتعلم في الفصول الدراسية، تحقق كل ذلك شريطة عدم الإخلال بالبيئة التفاعلية الجاذبة والمحفزة نحو التعلم؛ ومن هنا تأتي أهمية الاطلاع الواسع للتقنيات الحديثة والنظر في إمكانية الاستفادة منها وتوظيفها لخدمة العمليات التعليمية، وسنستعرض معا خلال هذا المقال تقنيات العرض اللاسلكية، وأنواعها، وخصائصها الفنية والتعليمية، إضافة إلى عرض تصور مقترح لتوظيفها في المؤسسات التعليميّة، لتمثل أحد الخيارات أمام المسؤولين ينبغي الوقوف عليها ودراسة تضمينها في الخطط المستقبليّة.

تقنيات العرض اللاسلكية:

تمتاز تقنيات العرض اللاسلكية بعدم الحاجة لأسلاك توصيل بين جهاز المعلم أو جهاز الطالب بعارض البيانات مما يتيح للمعلم حرية التنقل بجهاز الحاسب الآلي أو الجهاز اللوحي أو الجهاز الجوال ويكون بذلك قد وفر بديلا مناسبا للسبورة التفاعلية من خلال استثماره جهازه كأداة تفاعل مع الطلاب وبديل للكاميرا الوثائقية بالاستفادة من مميزات الكاميرا المدمجة بغالب الأجهزة الحديثة. ويضيف (Cottle, 2017) في مقال له وهو في منصب رئيس قسم التعليم الإلكتروني وخدمات البحث في مدرسة St Margaret's Anglican Girls School أن تقنيات العرض اللاسلكية التي جهزت بها المدرسة أتاحت للمعلمين والمعلمات القدرة على الابتعاد عن  نمط التعليم التقليدي حيث المعلمين يحتلون الجزء الأمامي من غرفة الفصل الدراسي، والسماح لهم بالتجول بشكل كامل أثناء تفاعلهم مع المحتوى المعروض، كما مكنت المعلمين والطلاب من عرض أعمالهم على شاشة العرض الرئيسية لعرض أفكارهم ومشاركتها مع الجميع ووفرت فرص أكثر تعاونية في إدراك مشاكل المحتوى وحلها، مع توفير اهتمام فردي للطلاب عند الحاجة. كما يؤكد على ذلك استشهاده بتصريح إحدى معلمات المدرسة قائلة " لقد أصبح التحرر من وضع ثابت في مقدمة الفصل أمرا ممكنا، مع تقنيات العرض اللاسلكية حيث يمكنني أن أتجول في الفصل أقوم بتدوين الملاحظات والرسومات البيانية التي أقوم بعرضها من جهازي اللوحي الخاص بي على السبورة. بالإضافة إلى ذلك يمكنني تجميد الصورة على السبورة للتلاميذ للتعليق عليها أثناء الجلوس بجانب طالب آخر، وإجراء جزء من الدرس من مكتب الطالب وتقديم المساعدة الفردية عند الحاجة". وأشاد (Hwang, 2018) في دراسته البحثية بعنوان "دراسة حول الاتجاه المتغير للتعليم الكوري في عصر الثورة الصناعية الرابعة" بخصائص أنظمة التفاعل اللاسلكية داخل الفصول الدراسية كما تضمنت الدراسة مقترحا لتغيير بيئة الفصل الدراسي مع أهمية الاستعانة بتقنية Miracast وهي أحد أبرز تقنيات العرض اللاسلكية رواجا، كما يبين الشكل 1-1 جانبا من الخصائص التعليمية لتقنيات العرض اللاسلكية.

شكل 1-1: الخصائص التعليمية لتقنيات العرض اللاسلكية

تقنيات العرض اللاسلكية بهذه الخصائص التعليمية التفاعلية وجب الوقوف عليها وتعريف الميدان التعليمي بها وبطرق تفعيلها واستخدامها والاستفادة منها ولكي يتحقق ذلك ينبغي لنا معرفة أنواعها وخصائصها الفنية المميزة لكل نوع منها لتوظيفها في المكان المناسب لها داخل مكونات المؤسسة التعليمية.

 أنواع تقنيات العرض اللاسلكية:

1- تقنية Miracast أو Wirless Display (WiDi)

تمتاز هذه التقنية بقدرتها على الربط المباشر بين الجهاز المراد العرض منه إلى عارض البيانات بدون وسيط وتشترط دعم الأجهزة لهذه التقنية وتتوفر وصلات مساندة لجهاز العرض في حال عدم دعمه لهذه التقنية، ومن المناسب هنا أن نشير بأن غالب الأجهزة الجوالة واللوحية بنظامي Windows 10 وAndroid تدعم هذه التقنية مما ييسر عمليات الاستفادة منها وتطبيقها بالميدان التعليمي.

2- تقنية AirPlay الخاصة بأنظمة التشغيل لشركة Apple

وهي عبارة عن تقنية تتيح لمستخدم جهاز iPhone, iPad, Mac عرض شاشة الجهاز أو الوسائط المتعددة فقط لجهاز العرض ولكن تحتاج لوسيط شبكي يربط بين الجهازين عادة ما يكون عبارة عن مزود خدمة WiFi.

3- تقنية DLNA 

يأتي مسمى هذه التقنية اختصارا لعبارة "تحالف الشبكات الرقمية الحية - The Digital Living Networking Alliance"  تعد الأقدم عمرا ومتطورة بشكل مستمر يمكن من خلالها ربط مجموعة من الأجهزة بجهاز عارض البيانات عن طريق وسيط بينهما وعادة ما يكون جهاز مودم أو راوتر مزود لخدمة Wi-Fi تربط جميع الأجهزة من خلاله وتكتفي بعرض الوسائط المتعددة فقط مثل الصور والفيديو مع الحاجة لتوفر برمجية موحدة منصبه على كامل الأجهزة لتساند دعم هذه الخاصية إضافة إلى ضرورة دعم الأجهزة المرتبطة لهذه الخاصية وبما أنها الأقدم فغالب الأجهزة حاليا تدعم هذه التقنية.

4- تقنية Google Cast

وتعد هذه التقنية تطورا لتقنية DLNA ساهمت شركة Google في إضافة بعض التحسينات عليها ودعمت نقل لكامل شاشة الجهاز وزودت الكثير من تطبيقاتها الخدمية سهولة الارتباط بهذه التقنية وعرضها مباشرة على شاشة العرض من أبرز هذه التطبيقات تطبيق YouTube وأطلقت هذه الخصائص بجهاز العرض اللاسلكي Google Chromecast بثلاث نسخ مطورة وتجدر الإشارة هنا بأنها تحتاج لراوتر وسيط. 

شكل 1-2: أنواع تقنيات العرض اللاسلكية وبعض خصائصها الفنية

ويمكن أن نصنف هذه التقنيات بشكل أكثر وضوحا لأبرز جوانب التميز بينها وهي الحاجة لوجود جهاز وسيط بين الجهاز وعارض البيانات يتضح هذا التصنيف في الشكل 1-3.

شكل 1-3: تصنيف تقنيات العرض اللاسلكية من حيث الحاجة لوجود وسيط

توظيف تقنيات العرض اللاسلكية في البيئات التعليمية:

من خلال الاستعراض السابق لأقسام وتصنيفات تقنيات العرض اللاسلكية نستطيع أن نبني تصورات حديثة لبيئات تعليمية جاذبة بأحدث الممارسات التقنية لتساند بدورها استراتيجيات التعليم والتعلم الحديثة لبناء مهارات القرن الحادي عشر التي تحددها جمعية الإدارة الأمريكية في بيئات سوق العمل بأربع مهارات أساسية وهي: التفكير الناقد، الإبداع، التعاون، والاتصال. تأتي تقنيات العرض اللاسلكية منسجمة مع ثماني استراتيجيات تعليم وتعلم حديثة اتفق عليها كلا البروفيسورَين في مجال البحوث التربوية روبرت وجون (Killian, 2016) في مقال لهما منشور في موقع الجمعية الأسترالية للتدريس المبني على البراهين أدعوك للاطلاع عليها عبر الرابط: https://bit.ly/1HOcdPa .

ونعرض هنا تصورا مقترحا لتوظيف تقنيات العرض اللاسلكية في بيئة المدرسة بحيث يمكن تخفيض تكاليف الفصول التفاعلية مع الحفاظ على الخصائص التفاعلية التي تتطلبها بيئات التعليم في العصر الحالي ويظهر ذلك بشكل مختصر في الشكل 1-4.

شكل 1-4: تصور مقترح لتوظيف تقنيات العرض اللاسلكية في المؤسسات التعليمية

ويمكن لهذه التصورات الحديثة المبنية على تقنيات تعليم وتعلم حديثة منها تقنيات العرض اللاسلكية بأن تسهم في تحسين توجهات المعلمين والمعلمات نحو استخدام التقنيات الحديثة وتوظيفها في خدمة أهدافهم التدريسية واستثمار أجهزتهم المحمولة في العمليات التعليمية الصفية واللاصفية والتي تمثل بدورها دعما مسانداً للمشاريع الوزارية التي تسعى لتوفير بيئات تعليمية مبنية على التقنيات الحديثة.

وأخيرا نعرض هنا تسجيل مرئي لورقة عمل قدمت بهذا الموضوع في لقاء جمع مشرفي ومشرفات تقنيات التعليم بالمملكة العربية السعودية: 

مشاهدة ممتعة ودمتم بحفظ الكريم.

عادل بن سعد الميلبي 

المراجع:

• Cottle, P., & Cottle, F. F. U. P. The Free to Roam Classroom: the impact of technology on the learning space and pedagogy.‏
• Hahn, J. (2009). Short Topic: A Review of TV Apps for Mobile and Widescreen Display. College & University Media Review, 15(1), 95–97. Retrieved from http://search.ebscohost.com/login.aspx?direct=true&db=ehh&AN=61443830&site=ehost-live
• Killian, S 2015, "8 Strategies Robert Marzano & John Hattie Agree On", The Australian Society for Evidence Based Teaching. http://www.evidencebasedteaching.org.au/robert-marzano-vs-john-hattie.
• American Management Association 2010, 21St Century Skills. AMA, http://www.amanet.org/training/21st-Century-skills.
• Yang, J., Yu, H., Gong, C., & Chen, N. (2017). Students' perceptions and behaviour in technology-rich classroom and multi-media classroom. EURASIA Journal of Mathematics, Science & Technology Education, 13(3), 621-647. Retrieved from https://search.proquest.com/docview/1969015875?accountid=142908
• Hwang, S. E. (2018). A Study on the Changing Direction of Korean Education in the Age of the Fourth Industrial Revolution. 한국컴퓨터정보학회논문지, 23(7), 91-97.‏
• الميلبي، عادل سعد (11،2018). تقنيات العرض اللاسلكية حلول وبدائل للميدان التعليمي، مقدمة في لقاء مشرفي ومشرفات تقنيات التعليم، وزارة التعليم، المملكة العربية السعودية.