دليل العمل عن بعد

بدأت العديد من الشركات حول العالم، دخول مجال العمل عن بعد Remote Work، وذلك بسبب جائحة كورونا التي أجبرتها على إغلاق مكاتبها للحد من انتشار الفيروس، ومعنى العمل عن بعد بحسب قاموس كامبردج على الإنترنت: 

قيام الموظف بالعمل بشكل أساسي من المنزل، والتواصل مع شركته من خلال البريد الإلكتروني أو الهاتف.

ولكن هذا التعريف لا يكفي للنجاح في العمل عن بعد، إذ هناك مجموعة من المتطلبات التي تتمثل في إجراء تغييرات في تعريف المهمة المطلوبة، الإدارة، الاتصال، التعويض، والحياة اليومية لكل موظف، والتي ستختلف بالتأكيد عن حياته داخل المكتب، كما أن هناك مجموعة من التقنيات الحديثة التي ستسهّل العمل، لدى كل من الموظف وصاحب العمل، وهذا ما ستبيّنه هذه المقالة.

أولا – تاريخ العمل عن بعد 

قد يظن الكثير من الناس أن تاريخ العمل عن بعد يتزامن مع تاريخ الإنترنت، ولكن هذا ليس صحيحا؛ إذ في عام 1973 صدرت أول وثيقة لتأسيس العمل عن بعد في كتاب بعنوان التجارة في الاتصالات والنقل The Telecommunications-Transportation Tradeoff للمؤلف الرئيس جاك نيلز Jack Nilles، وهو مهندس سابق لدى ناسا. 

رسم توضيحي 1:الكتاب الذي ذكر أول وثيقة تأسيسية للعمل عن بعد

وفيه اقترح العمل عن بعد ليكون بديلا عن وسائل النقل، وابتكارا لحل مشكلة المرور وندرة الموارد غير المتجددة، وفيه يقوم الموظفون بالذهاب إلى أقرب مكتب إلى منازلهم لاستلام وتسليم مهام عملهم، بدلًا من الذهاب إلى مقر الشركة المركزي في وسط المدينة، وفي عام 1979 قامت صحيفة الواشنطن بوست بكتابة خبرا بعنوان: العمل من المنزل يوفّر الوقود، ومنه أصبح هناك شعبية لمفهوم العمل عن بعد، وفي عام 1996 تم إطلاق المبادرة الوطنية للعمل عن بعد the National Telecommuting Initiative للترويج للعمل عن بعد داخل الحكومة، ونتيجة لذلك، وافق الكونغرس على استخدام العمل عن بعد داخل الوكالات الفيدرالية.

ثانيا – نماذج العمل عن بعد 

قبل البدء في تطبيق العمل عن بعد، يجب أولا فهم طبيعة الخدمة أو المنتج المراد توفيره، وفريق العمل الذي سيعمل عن بعد؛ لذلك يجب اختيار نموذج العمل عن بعد المناسب، وهناك ثلاثة نماذج للعمل عن بعد، نذكرها فيما يلي، مع مزايا كل منها:

1. مقر رئيس للشركة مع عمل عن بعد  من حين لآخر

وهو أكثر النماذج شيوعا، حيث قامت كبريات الشركات مثل Oracle، وAirBnb، وDeloitte باتباعه، وفيه تملك الشركة مقرا رئيسًا لها، ثم تسمح للموظفين العمل عن بعد، من المنزل، لعدد معين من الأيام أسبوعيا أو شهريا أو سنويًّا، وفي حال أرادت الشركة الانتقال إلى هذا النموذج، عليها أن تبدأ تدريجيا، أي أن تكون عدد الأيام التي يُسمح فيها للموظف بالعمل محدودا، مثل يومين فقط بالشهر، ثم التقليل أو الزيادة بحسب كيفية استجابة فريق العمل لذلك، وبالتالي لن يناسب هذا النموذج معظم شركات اليوم التي اضطرت إلى إغلاق مقرّها بالكامل، بسبب جائحة كورونا.

رسم توضيحي 2: النموذج الأول -  العمل لعدد محدد من الأيام من المنزل

المزايا 

1. أشارت إحدى دراسات ستانفورد إلى أن السماح للموظفين بالعمل من المنزل، على الأقل لبعض الوقت، من شأنه أن يرفع من إنتاجيتهم بنسبة 13.5% ، كما أنها تزيد من كفاءة التوظيف.

2. في استطلاع حديث تبيّن أن 67% من الباحثين عن عمل، يتطلعون إلى مرونة في العمل، ويسعى 84% من الجيل الحديث، إلى تحقيق توازن أكبر بين العمل والحياة، وبالتالي يُوفرّ لهم هذا النموذج من العمل عن بعد فرصة للتوازن بين العمل والحياة الشخصية، والتخفيف من عبء المواصلات اليومية. 

2. مقر رئيس للشركة مع عمل عن بعد بشكل دائم

يتماشى هذا النموذج بشكل وثيق مع النموذج السابق، ولكن مع اختلاف واحد: يمكن للموظفين العمل من أي مكان طالما لديهم وسيلة اتصال ثابتة على الإنترنت، وبالتالي فإنه يمكن توظيف موظفين في أبعاد جغرافية وحتى في قارات مختلفة، ومن الشركات التي قامت بتبني هذا النموذج من العمل Automattic التي مقرّها في سان فرانسيسكو، لكنها لا تعتبر الموقع الجغرافي شرطا عند التوظيف، وتقوم بتوفير رواتب سخية ليتمكن الموظفون من إنشاء مكاتبهم داخل المنزل، وبتغطية تكاليف السفر إن تطلبت الحاجة إلى اجتماعات داخل المقرّ الخاص بها.

رسم توضيحي 3: النموذج الثاني - العمل من أي مكان بشكل دائم

المزايا 

1. اختيار الكفاءات دون التقيّد بالمساحة الجغرافية، وبالتالي إيجاد بدائل للكفاءات المحلية والمحجوزة لدى الشركات الأخرى.

2. المرونة في استخدام هذا النموذج، بحيث يمكن لكل شركة، اختيار ما يناسبها من الاجتماعات التي تحتاج فيها إلى قدوم الموظفين إلى مقر الشركة، وأيضًا من توفير تذاكر سفر، وتغطية تكاليف إنشاء مكاتب منزلية، وغيرها.

3. التوفير في استئجار مساحات العمل لدى الشركة، وتكاليف التشغيل من الأجهزة الحاسوبية وغيرها.

3. لا مقر للشركة، وعمل عن بعد بشكل أساسي

يناسب هذا النموذج أصحاب المشاريع الناشئة، والشركات التي لا تملك من الأصل أية مكاتب لها، وفيه يمكن توظيف أي أحد من أي مكان في العالم، دون الخشية من تكاليف السفر للاجتماع في مقر الشركة وغيره، ويصبح التركيز على توظيف أفضل الكفاءات من كافة أنحاء العالم، كونه لا يكون هناك أي قلق حول اختيار المكان الجغرافي لتأسيس مقر الشركة، وستكون هناك مرونة في تحديد الرواتب للموظفين بحسب تكلفة العيشة في بلد كل واحد منهم، وبحسب البيانات المقدمة من Hallway، هناك أكثر من 60 شركة في العالم قامت بتبني هذا النوع من العمل عن بعد، منها Buffer، وZapier.

رسم توضيحي 4: النموذج الثالث - العمل من أي مكان دون مقرّ للشركة

1. عدم التقيّد في المساحة الجغرافية عند توظيف فريق العمل.

2. المرونة في تحديد الرواتب، كل حسب تكلفة المعيشة في بلده.

3. عدم تأثر العمل عند اضطرار الموظفين للانتقال من مكان لآخر.

ثالثا – استراتيجيات العمل عن بعد 

لقد فرضت جائحة كورونا على الكثير من الشركات أن تبدأ مجال العمل عن بعد، وهو أمر لم تكن متحضرة له، خاصة التي لم تختبر بعد نموذج العمل عن بعد.

وفيما يلي توضيح لما على الشركات القيام به، أو تلك التي تودّ من تطوير خبرتها فيه للمحافظة على إنتاجيتها؛ حيث هناك أربع استراتيجيات لتحقيق النجاح في تجربة العمل عن بعد والموضحّة في الشكل التالي، وفيها يتم افتراض وجود مقر رئيس للشركة كما هو حال معظم الشركات المتضررة من جائحة كورونا:

رسم توضيحي 5 : استراتيجيات العمل عن بعد

والترتيب الذي يجب مراعاته عند تطبيق هذه الاستراتيجيات كما يلي: بناء أساس آمن وفعّال للاتصال الرقمي عن بعد، تسهيل الإنتاجية وتوفير تطبيقات العمل وأدوات الاتصال والتعاون، تطوير مهارات العمل عن بعد، تنمية ثقافة وعقلية العمل عن بعد:

الاستراتيجية الأولى: بناء أساس آمن وفعّال للاتصال الرقمي عن بعد

وهذا يعني وجود خط اتصال آمن لموارد الشركة التقنية والتطبيقات إضافة إلى الإنترنت، وهذا يتحقق عبر مزوّد الإنترنت Internet Provider وشبكة افتراضية خاصة Virtual Private Network، وهذه الأخيرة مهمة كونها تمنح للموظف عن بعد الأمان والخصوصية.

1. الإنترنت

لن يملك كافة الموظفين عن بعد ذات الجودة في خدمة الإنترنت، كما يجب افتراض أن بعضهم لا يملكون إلا جهاز الهاتف الذكي فقط وليس حاسوبا، لذلك على الشركة إجراء مسح سريع لمعرفة هذه الأشياء؛ لتقرر مكان الثغرات ضمن استراتيجية العمل عن بعد الخاصة بها، وحينها ستدرك إن كانت بحاجة لتخصيص ميزانية لتوفير خط إنترنت آمن لدى بعض الموظفين وغيرها من الأدوات التي ستسهّل وظيفتهم عن بعد، كما يجب تحضير كافة الموارد التي من شأنها ستضمن تدريب الموظفين على استخدام الإنترنت مثل: دليل التشغيل السريع، وتوفير مجموعات دعم من المحترفين من الموظفين لدعم غيرهم عبر قنوات سهلة ومتوفرة، للإجابة على أسئلتهم، ولحل مشاكلهم التقنية.

2. أجهزة العمل عن بعد

يمكن للشركة الاعتماد على أجهزة الموظفين الخاصة، مع وجود خطر أمنيا أكبر، أو أن توفر لهم الأجهزة، ويمكن للشركة أن تعمل على فحص وتقييم أجهزة الموظفين لتقرر إن كانت بمستوى كاف من الكفاءة والأمان لاستخدامها في إنجاز العمل، وعادة يكون المطلوب من الأجهزة لإنجاز العمل هو الهاتف الذكي أو الحاسوب أو كليهما، بحسب طبيعة العمل، لذلك عند وضع الاستراتيجية، يمكن الأخذ بعين الاعتبار توفّر هذه الأجهزة:

- كاميرا ويب Webcam لعقد وحضور الاجتماعات، وهذا في حال لم تتوفر كاميرا لدى جهاز الموظف، وأقل جودة مقبولة للكاميرا هي، 720P.

- سماعة وميكروفون عالية الجودة، وبالرغم من انتشار السماعات إلا أن الكثير منها يفتقد وجود الميكروفون الذي هو أساسي للمشاركة في مختلف الاجتماعات.

- يافطات تفيد وجود تسجيل على الهواء؛ ليتمكن الموظف من وضعها خارج باب الغرفة في المكان الذي يشارك فيه الاجتماع وذلك ليكون رسالة لدى الآخرين من أهل بيته بعدم الإزعاج.

3. تأمين الوصول الآمن لموارد الشركة وخدمات الإنترنت

ويتم تحقيق ذلك من خلال شبكة افتراضية خاصة VPN، وهي التي سبق وأشرنا إليها، ويجب أن تكون سياسة الشركة واضحة بأهمية استخدام الشبكة قبل استخدام الإنترنت لإتمام الأعمال ولاستخدام موارد الشركة؛ وذلك كونها ستكون أكثر عنصر مهم في العمل عن بعد، لذلك على صاحب العمل اختبار كافة الشبكات والأجهزة والمواقع التي سيتم من خلالها العمل لضمان الأداء العال لها.

رسم توضيحي 6: من المهم استخدام الموظفين لشبكة اقتراضية خاصة

ومن جانب آخر يجب التأكد من اتباع كافة الموظفين لعملية توثيق حساباتهم والمعروفة باسم 2FA Authentication، والتي تتمثل بإدخال رمز سري:

رسم توضيحي 7: إدخال رمز سري كخطوة إضافية لحماية حسابات الموظفين

وهذا من شأنه حماية حساباتهم وأعمالهم من الاختراق، وعادة يتولى قسم إدارة المعلومات في الشركة هذه الأمور، لكن لا يعني عدم متابعتها أيضا من قبل صاحب العمل.

الاستراتيجية الثانية: توفير الوصول إلى الإنتاجية، وتطبيقات العمل، وأدوات الاتصال والتعاون

يدور العمل في معظم الشركات حول الفريق الذي يشترك في مختلف المهام ويستخدم في ذلك موارد مشتركة، مثل الوثائق والتقارير وجداول البيانات والوسائط الغنية، وغيرها.

- تطبيقات العمل

يتم إنشاء موارد العمل من خلال تطبيقات خاصة، مثل Microsoft Office365 وGoogle G Suite، ERP، CRM وغيرها؛ لذلك تعد الحلول السحابية Cloud Solution أفضل الخيارات لمنح الموظفين إمكانية الولوج لمختلف الموارد من أي جهاز متصل عبر الإنترنت، ومن الأمثلة على الحلول السحابية Google Drive وMicrosoft Azure.

رسم توضيحي 8: أحد الحلول السحابية

- أدوات الاتصال والتعاون

يعتمد العمل عن بعد على الاتصال الرقمي، وخاصة على أدوات التعاون مثل الدردشة الجماعية، والتي تحققها تطبيقات مثل: Slack، Microsoft Teams، Facebook Workplace، وغيرها:

رسم توضيحي 9: هناك العشرات من التطبيقات التي توفر الدردشة الجماعية للأعمال

إضافة إلى الشبكات الاجتماعية الخاصة بالمؤسسات مثل، Igloo، LumApps، SAP:

أما لعقد مختلف الاجتماعات والمؤتمرات، فهناك خدمة GoToMeeting، وZoom. 

ومؤخرا، طرحت شركة Spatial منصة مكان عمل افتراضي يحاكي الواقع، بشكل مجاني لكافة المستخدمين، وفيها يتمكن الموظفون من الاجتماع وكأنهم معا في مكتب واحد، لمشاركة المهام وتقديم العروض، وحتى الاحتفال:

الاستراتيجية الثالثة: تطوير مهارات العمل عن بعد

قد يعاني الكثير من الموظفين صعوبة في الانتقال إلى العمل عن بعد، كونه يصبح فجأة كل شيء رقمي، وتختفي المقابلات والمحادثات الجانبية، والصداقات مع بقية الزملاء، وهذا من شأنه التأثير على التعاون لإنجاز مختلف المهام، حتى مع توفر مختلف الأدوات والتطبيقات الخاصة بالتواصل والتعاون، وفيما يلي أبرز مهارات العمل عن بعد لتسهيل ذلك:

1. مشاركة الإنجاز مع الآخرين

تعد هذه المهارة أكثر المهارات حيوية للتعاون الرقمي، حتى يبقى أعضاء فريق العمل على التواصل الدائم، والدعم، والتعاون... مما يعيد بعضًا من مميزات العمل المكتبي من خلال أنشطة التحدث والنقاش.

2. تنسيق العمل

هناك العديد من الأدوات التي يمكن من خلالها تتبع عملية التسويق والمبيعات ومختلف العمليات، إضافة إلى تحليلها وتحسينها، ومن هذه الأدوات Airtable، Microsoft Planner، وSmartsheet.

3. اختيار الأداة الصحيحة للتعاون

مع وجود العشرات من تطبيقات وأدوات التعاون الرقمي، قد يحتار الموظف في اختيار المناسب، وقد يرفضها ليجد في البريد الإلكتروني الأداة المفضلة له، ولكنه ليس كذلك؛ لذلك يجب توفير قائمة بأفضل أدوات التعاون لدى كافة الموظفين، مع ذكر السبب في كل منها ليتمكنوا من اختيار ما يلائم طبيعة مهامهم، ومن الأمثلة على التطبيقات التي يمكن استخدامها لمشاركة المعلومات، Drobox وWeTransfer.

الاستراتيجية الرابعة: تنمية عقلية وثقافة العمل عن بعد

تساعد هذه الاستراتيجية أصحاب الأعمال على تحضير كامل أعمالهم من أجل خلق بيئة أكثر فعالية للعمل عن بعد، فمن المهم فهم أوسع لتطبيقات وأدوات العمل عن بعد، ليس فقط لإنجاز العمل وإنما لتغيير وتحسين ثقافة الشركة ذاتها، أي ما هو ممكن باستخدام التقنية، ولكن مع انتشار جائحة كورونا التي فرضت استخدام مختلف أدوات التقنية قبل التحضير لها أصبح من المهم تسريع عملية تقبل هذا التغيّر بشكل أكبر وأكثر انفتاحا، وفيما يلي بعض الخطوات البسيطة التي ستساهم في تعزيز ثقافة الشركة عند العمل عن بعد:

1. منح الوقت والتدريب على تعلّم أدوات ومهارات العمل عن بعد

يجب منح الموظفين الوقت والتدريب على تعلّم أدوات ومهارات العمل عن بعد، وتنظيم أوقاتهم وأفكارهم ووعيهم حول كل ما يتعلق بالعمل عن بعد، ويمكن تزويد الموظفين ببعض النصائح حول العمل من بعد مثل: المحافظة على الحدود الزمنية والاجتماعية، والتركيز على إنشاء أكثر المهام أولوية، وتجنّب العمل المستمر طيلة الوقت.

وهناك أيضا تطبيقات تساعد الموظفين على إدارة وقتهم مثل Rescue Time، إضافة إلى ترسيخ ثقافة التعلّم المستمر، ودعم ذلك من خلال توفير دورات تعليمية، وأدوات جديدة، وفريق دعم لمساعدة الموظفين عند الطلب، إضافة إلى استخدام أدوات التحليل للتعرّف على الموظفين الذين هم بحاجة للمساعدة والتوجيه في إنجاز مهامهم.

2. التواصل خارج المهام الوظيفية

يمكن للتواصل مع أعضاء الفريق خارج المهام الوظيفية أن يساهم في تعزيز ثقافة العمل عندما يكون عن بعد مثلا: يمكن إرسال تحديثات عامة للعمل عبر البريد الإلكتروني، أو الإعلان عن إنجازات الفريق، وتوفير قناة اتصال خارجية لدى أعضاء الفريق ليتمكنوا من خلالها من التعرّف على بعضهم البعض، والمشاركة في الألعاب والمسابقات المختلفة نهاية كل أسبوع، وهناك الكثير من التطبيقات التي تتيح لأعضاء فريق العمل التعرّف على بعضهم والتواصل غير الرسمي مثل: Google Meet.

3. التدريب على قيادة الشبكة

لدى القادة من مختلف المدراء القدرة من خلال التقنيات الحديثة في إنشاء ثقافة وتواصل على نطاق واسع لتحقيق أهداف الشركة؛ ولذلك تعد قيادة الشبكة من أبرز المهارات التي على مدراء اليوم تبنيها ليتمكنوا من إنشاء ودعم وإدارة أعمالهم عن بعد، ومن التطبيقات التي ستساعد على إنشاء وإدارة المهام وتوزيعها على الموظفين عن بعد، Asana وTrello، كما يوفّر تطبيق World Time Buddy القدرة على تجاوز اختلاف التوقيت الزمني من أجل تحديد أفضل للاجتماعات يناسب كافّة الموظفين من مختلف المناطق الجغرافية، كما يوفر Toggl إمكانية تتبع وقت إنجاز المهام وبتحديثها على السحابة الإلكترونية حتى يتمكن كامل فريق العمل من الاطلاع عليها.

خلاصة: نحو العمل عن بعد

إن الذي ألهم جاك نيلز في كتابة الوثيقة التأسيسية للعمل عن بعد، هي الدراسات التي بيّنت أثره على تقليل الأميال المقطوعة للمركبات، وبالتالي الحد من انبعاث غازات الاحتباس الحراري، وبذلك نجد أن في العمل عن بعد نحقق حماية أفضل للبيئة من خلال الحدّ من استخدام وسائل النقل للذهاب من وإلى العمل، كما يتمكّن الموظفون من قضاء المزيد من الوقت مع أسرهم وأصدقائهم، ويعدّ العمل عن بعد وسيلة مثالية للأمهات العاملات فهن بذلك يقضين وقتا أكبر مع أطفالهن، مما يساهم في رعاية وتنشئة أفضل لهم، كما أنّ هناك العديد من المزايا الأخرى في العمل عن بعد لأصحاب العمل ومن أبرزها: زيادة الإنتاجية، وتوفير الأموال، ومن خبرتي المتواضعة في العمل لدى مختلف الشركات منذ ما يزيد عن العشر سنوات، أرى أنه يمكن إنجاز مهام كل وظيفة شغلتها عن بعد مثلا: عملت ككاتبة فنية لدى شركة ITG، وفيها قمت بالمشاركة في كتابة دليل الإرشاد لمختلف الأنظمة والتطبيقات التي تطورها الشركة باستخدام الحاسوب محمّلا عليه تطبيق الشركة أو النظام المراد عمل دليل إرشادي له، كما عملت مديرة مكتب للمبيعات في شركة زاهي دروزة وشركاه، أقوم من خلالها بالتنسيق بين عمليات البيع والتوصيل عبر الهاتف، ثم أصبحت مسؤولة مشتريات في أقمشة دروزة بعدها بحوالي العام كنت أقوم من خلاله بالتواصل مع مزودي الأقمشة عبر البريد الإلكتروني؛ لشحن مختلف طلبيات القماش والاكسسسوارات وخلافه، ثم عملت محاضرة في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وكان وجود شبكات التواصل الاجتماعي مهما لتواصل دائم مع الطالبات؛ حيث قمت بإنشاء حساب خاص على الفيسبوك حينها. 

وأخيرا، أملك الآن مجلة فوياج الإلكترونية، التي قمت بتأسيسها منذ عام، وهي تعمل دون وجود مقرّ رئيس لها؛ أي أن كامل أعمال التحرير والنشر والتواصل مع المحررين وأصحاب المقالات تتم عبر الإنترنت، إما عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني، وكما هو مبيّن في خط العمل الخاص بي منذ عام 2008 وحتى الآن، فإنني انتقلت بشكل تدريجي من العمل المكتبي إلى المنزلي بشكل كامل، وهو انتقال سهل وسلس حال توفرت خدمة الإنترنت والتطبيقات الخاصة بالعمل، والحماس في التعلّم المستمر.

إشراق كمال عرفة