مقالات وتدوينات
(0)

العصر الجديد للبث المباشر وشراسة المنافسة

1,261 قراءة
0 تعليق
alt
التصنيف مقالات وتدوينات
وقت النشر
2018/09/15
الردود
0

البث المباشر عبر الإنترنت ليس أمر جديد، فقد بدأ منذ عام ١٩٩٠ مع خدمات متفرقة مثل Ustream و Livestream وغيرها، وهي التي تتيح لك التحدث مع الآخرين حياً على الهواء مباشرة. ولكن أشهر عملية بث مباشر تم بثها عبر الهاتف المحمول كانت في عام ٢٠٠٨، عندما قام أحد الأشخاص بتوثيق الانتخابات الرئاسية الأمريكية ذاك الوقت بجواله Nokia N95 وبثه لآلاف المتابعين باستخدام تطبيق Qik. عقب ذلك خرج تطبيق آخر يسمى Yevvo في عام ٢٠١٣ للبث عبر الهواتف الذكية، ولكن يبدو أن المستخدمين لم يكونوا مستعدين بعد لاستخدامه، فقد تم إغلاقه بعد وصوله إلى ٣٠٠ ألف مستخدم. تلاه تطبيق آخر باسم Air، ولكنه الآخر لم ينل حقه من النجاح ففشل. وفي أوائل عام 2015م ظهر تطبيق Meerkat على الساحة، حيث ظهر في الوقت المناسب وسط الاحتفال بمهرجان SXSW، وأثار موجة من الاهتمام والتغطية. فقد كان حدث هام ونقلة نوعية في النقل المباشر عبر الشبكات الاجتماعية. وباستخدام قدرة وسائل التواصل الاجتماعي يستطيع التطبيق أن يتيح لأي شخص مشاركة حياته وتجاربه في الوقت الحقيقي، فمن خلال نقرتين يمكنك أن تقوم بعملية البث إلى مستخدمين من كافة أنحاء العالم. وبعد نجاح مثل هذا التطبيق اقتربنا بشكل أكبر نحو رؤية الأشياء من خلال أعين أشخاص آخرين ونحو تجربة تصور آخر مختلف تماماً عن العالم. وبذلك أصبحنا أفضل اتصالاً بالأحداث والحوادث. البيريسكوب يبدأ .. عقب ذلك أُطلق تطبيق يعمل على الهواتف الذكية يُسمى “Periscope”، تمتلكه شركة تويتر بشكل رسمي، ومهمته الرئيسية هي البث المباشر عبر كاميرا هاتفك المحمول، ليتابعك الآلاف من حول العالم. وقد اشتهرت الخدمة بشكل كبير في الآونة الأخيرة ربما أكثر من غيرها، وذلك لسهولة استخدامها وارتباطها بتويتر. فقد وصل عدد مستخدمي هذه الخدمة إلى أكثر من 20 مليون مستخدم نشط من أنحاء العالم في أقل من عام. ومن مميزاتها سرعة عملية البث وسهولة تفعليها، وكذلك تسجيل الفعالية التي تم بثها لفترة معينة. كما يمكن مشاهدة عدد متابعي البث والاطلاع على تعليقاتهم والرد عليها، كما يمكن أيضاً تحديد الموقع الذي يتم البث منه ليظهر لدى المتابعين على شكل خريطة. وقد أتاحت الخدمة مؤخراً إمكانية حفظ ما تم بثه إلى الأبد، وكذلك البث بدقة عالية. الفيسبوك يدخل المنافسة .. وهنا يظهر (الفيسبوك) على الشاشة، فقد أطلق الفيسبوك قبل فترة خياره الخاص بالبث المباشر الحي. لكن في البداية تم تقييد إمكانية الدخول إلى الخيار بالتحقق المؤكد من الملف الشخصي، ولذا كان وبصورة جوهرية للمشاهير فقط. وهذا الخيار كان يعمل على جبهتين: أحدهما أنه يعطي المشاهير شيئاً من الحصرية والأهمية والذي من المحتمل أن يزيد من اهتمامهم باستخدامه، ولكن الأهم من ذلك فإن هذا يعني أن محتوى البث الحي الذي تم تحميله على الفيسبوك يحتمل بدرجة كبيرة جداً أن يكون مسلياً وأن يجذب نطاقاً عريضاً من الجمهور. وهذه حقيقة تجلت بصورة واضحة في أعداد المشاهدين الذين يظهرون في عمليات البث الحي في صفحة (Live on facebook) بأن عدد المشاهدين بلغ 1,16 مليون مشاهد للفيديو الواحد، إلى جانب آلاف التعليقات. عقب ذلك أتاحت شركة فيس بوك مؤخرًا إمكانية إجراء عملية البث المباشر لجميع المستخدمين على نظامي iOS وأندرويد، وأصبح بإمكان معظم أصحاب الأجهزة الذكية إجراء عملية البث المباشر على فيس بوك بسهولة. كما أنه بإمكان المستخدم تحديد جمهوره كما هي الحالة مع منشوراته، فيمكن له اختيار البث بشكلٍ عام أو للأصدقاء أو لنفسه فقط بهدف التجربة، وبعد الانتهاء سيظهر الفيديو على صفحة المستخدم الشخصية وبنفس الخصوصية التي أعطاها للبث، مع إمكانية حفظ الفيديو الذي قام بتسجيله ضمن جهازه بسهولة. هذه الميزة من فيس بوك تعتبر بمثابة كابوس لكل من Meerkat و Periscope اللذين سيطرا على الساحة مؤخراً، حيث أصبحت عملية بث فيديو مباشر للجمهور سهلة للغاية. كما ستعرض فيس بوك عدد المشاهدين وأسماء الأصدقاء الذين يشاهدون، لذا يبدو أن الفيسبوك قررت الدخول في المجال وتغيير قواعد اللعبة. اليوتيوب تلحق بالركب .. ولمشاركة الكعكة، لم ترض اليوتيوب أن تبق بعيداً عن هذا التوجه، فأصدرت ميزتها الحديثة للبث المباشر عبر الهواتف الذكية بشكل مباشر عن طريق تطبيقها، وأتاحته مؤخراً لجميع المستخدمين الذي يمتلكون أكثر من 10 آلاف مشترك في القناة. دخول اليوتيوب لهذه المنافسة سيعطي البث المباشر ثقلاً كبيراً ومنافسة شرسة، يبدو أن أبطالها هم اليوتيوب والفيسبوك وتويتر. هل عملية البث الحي المباشر “تسلية” أم “مسلية”؟ في الواقع لكي يمكن أن ينتقل تطبيق البث الحي إلى المستوى التالي ويصل إلى جمهور أعرض وأوسع فإن الخيار سيكون إما: مخاطبة مجموعة أكبر من المستخدمين الذين سيأتون إلى المنصة (الموقع) لإنشاء محتواهم الخاص بهم ومشاركته. يصبح التطبيق محور محتوى مسلٍ جداً بحيث سيأتي المزيد من الناس لمشاهدته بصورة متكررة كثيراً. وفيما يتعلق بالنقطة الأولى، ففي الوقت الحالي فإن عملية البث الحي أمام نسبة المشاهدين تعد كبيرة إلى حد ما وتبين أن التركيز على جلب مزيد من المستخدمين للموقع – من خلال عامل التسلية المتعلق بإنشاء محتوى خاص بك – يمكن أن يشكل تحدياً. فمثلاً فإنه في الوقت الحالي – وفقاً لأعداد مستخدمي البريسكوب – هناك حوالي 2 مليون مستخدم في الموقع يومياً. ولكن بالرغم من التقييم الأساسي للروابط مع عمليات بث بالبريسكوب في التويتر (وبالنظر إلى الدمج مع التويتر والطبيعة العامة للقطات البريسكوب) فإنه يمكننا أن نفترض أن غالبية عمليات البث الحي بالبريسكوب يتم إيصالها عبر التغريدات، ويمكننا أن نرى أن العدد الفعلي لعمليات البث الحي بالبريسكوب التي يتم إنشاؤها ليس مرتفعاً إلى هذا الحد. ووفقاً لهذه البيانات – وعلى مدى فترة 30 يوماً – كان هناك 2265580 رابط أرسلت إلى مسارات البريسكوب (باستثناء إعادة التغريدات). وإذا افترضنا أن غالبية لقطات البريسكوب التي تبث يتم إرسالها كتغريدات، فإن هذا يعني أن هناك 75519 سلسلة بث جديدة بالبريسكوب يتم بثها كل يوم. وهذا عدد كبير أليس كذلك؟! ولكن لو عرضت ذلك الرقم أمام إجمالي عدد جمهور البريسكوب – 2 مليون في اليوم – ستجد أن نسبة 3,78% فقط من جمهور البريسكوب ترسل روابط –أي نسبة 3.78% فقط من قاعدة المستخدمين اليومية للبريسكوب تقوم فعلاً بإنشاء محتوى. وحتى لو اتخذت ذلك كدليل وافترضت وجود بعض عمليات البث الحي بالبريسكوب التي يتم إنشاؤها والتي لا يتم إرسالها كتغريدات، تجد أنه لو ضاعفت ذلك الرقم فإنه لا يزال أقل كثيراً من 10% من قاعدة مستخدمي البريسكوب الذين ينشئون محتوى بصورة نشطة. ويمكنك أن ترى أيضاً أن الروابط المقارنة المرسلة إلى محتوى ميركات وبلاب هي أيضاً قليلة جداً (وكمعلومات إضافية ضمن السياق) فإن اليوتيوب قدم 91.9 مليون رابط ضمن الفترة نفسها، بينما قدم تطبيق فاين 41,9 مليون رابط. إن ما تظهره هذه الأرقام هو أن الغالبية الكبرى من الناس يشعرون بالارتياح بمشاهدة سلسلة بث حية أكثر مما يشعرون به عند إنشاء سلسلة واحدة بأنفسهم، وهو أمر لا يدعو للدهشة ولكنه يعني أن البث الحي المباشر لا يحتمل أن يؤخذ كأداة تسلية من خلال إمكانية تزويد المستخدمين بالقدرة على إنشاء لقطاتهم الحية الخاصة بهم. ولذا فإن البديل لتوسيع نمو الوسيلة هو أن تصبح عملية البث الحي “مسلية” وتكوّن جمهوراً من خلال جذب الناس إلى محتوى ذي جاذبية واسعة النطاق. مصاعب متزايدة: لا تزال عملية البث المباشر عبر الشبكات الاجتماعية في طور نموها، فهي في شكلها الحالي لا تزال تحتاج إلى المزيد من التطوير والتحسين. فعلى سبيل المثال فإن عمليات البث الحي من خلال تطبيق البريسكوب تؤخر البث لمستخدمين معينين متى حققت عملية البث الحي أكثر من (1000) مشاهد. وهذا التأخير ليس بدرجة كبيرة (أقصاها 9 ثوان). كما أن التعليقات يستحيل جداً متابعتها في الوقت الحقيقي بعد دخول حوالي 60 مستخدماً أو نحوه إلى عملية البث على أي حال. ولكن هذه القيود لا توجد لأسباب متعلقة بالعرض، وإنما هي موجودة لأن النظام لا يستطيع التعامل مع عدد كبير جداً من الناس في عملية بث حي مباشر في وقت واحد محدد. وهناك تطبيق أحدث من ذلك للبث الحي المباشر وهو تطبيق (بلاب Blab) الذي يتيح للناس أن يبثوا 4 فيديوهات في المرة الواحدة، ولكنه أيضاً لا يستطيع إلا التعامل مع عدد محدود من المشاهدين قبل أن يعاني من زيادة التحميل ويواجه صعوبات. وبينما نحن نتحدث هنا عن الكثير من المشاهدين – أكثر من 1000 مشاهد في عملية بث حي يعد عدداً ضخماً جداً وفق أي مقياس – فإن عدد 1000 شخص لا يعد شيئاً وفق المنظور الأكبر للأشياء. ففي سياق ذلك بلغ عدد المشاهدين لأعلى برنامج استعراضي تلفزيوني مشاهدة في الولايات المتحدة في أحد الأيام أكثر من 20,6 مليون مشاهد. وهذه المقارنة الآن قد لا تكون منصفة، فعملية البث الحي المباشر لا تحاول أن تصبح التلفزيون الجديد بهذا المفهوم. ولكن في الواقع لكي تعتبر المشاهدة كخيار بث هام وقوي مؤثر، فإن عملية البث الحي المباشر تستلزم في بعض الأحيان أن تكون بديلاً للتلفزيون. والشركات تعرف ذلك جيداً، فمثلاً فإن بريسكوب قد أطلقت للتو تطبيقها الجديد لتلفزيون أبل والذي في الواقع سيجعل من بريسكوب قناة تلفزيونية أخرى. والآن وبينما أنت تنقر على القنوات وأنت جالس في مقعدك فإنك ستتمكن أيضاً من تحميل بريسكوب واستعراض عمليات البث الحي المباشر لمعرفة هل يوجد ما يستحق المشاهدة. وإضافة هذه الإمكانية تحظى باحتمالية توسعة نطاق وصول البث الحي بشكل كبير (إذا كان نظام البريسكوب يستطيع أن يتواكب مع مثل هذا الطلب). ولكن لتحقيق أقصى قدر من ذلك بشكل تام يصبح السؤال التالي: كيف تجعل محتوى البث الحي بديلاً ترفيهياً قابلاً للتطبيق بالنسبة لعدد كبير من الجمهور بدرجة تكفي لزيادة اهتمامهم بالأمر وبقاءهم للمشاهدة فترة أطول؟ هل انتهت المنافسة ؟ مع تزايد شعبية البث الحي المباشر فإن هناك أطرافاً أخرى يراقبون المشهد، وهم يملكون أموالاً طائلة وشبكات ضخمة وقدرة أكبر للقيام بالأمر بشكل أفضل، كما يمكنهم استخدام الدروس المستفادة من الأطراف الحالية لتنقية وتحسين عروضهم قبل الإعداد الكامل. بالطبع فإن ذلك لا يعني أن تدير ظهرك للبث الحي وتنتظر وصول الجيل التالي من عملية البث. إن أي ممارسة أو عملية تستطيع أن تقوم بتفعيلها الآن في منظمتك فلا تتأخر عنها. ولكن ذلك لا يعني أن ترتبط بشكل وثيق بأي منصة أو مزود لهذه الخدمة في هذه المرحلة، فاللعبة ستتغير ويمكن أن تتطور بصورة أسرع مما تتوقع. فرصة سانحة للمنظمات لا ريب أن البث المباشر عبر الإعلام الجديد يُمثل أحد الاتجاهات المتوقعة للشبكات الاجتماعية في الأعوام القادمة. لذلك حرص المنظمات الخيرية على استخدامها في نشر رسالتها وتسويقها أمر هام. فالزيادة الكبيرة في مستخدمي هذه الخدمات تُحتم أن تبدأ المنظمات من الآن في الإعداد لذلك. ومن الأفكار التي من الممكن أن تقوم بتفعيلها عبر هذه الخدمة: بث الاحتفالات المختلفة لمتابعي حساب المنظمة في تويتر بث المناسبات الداخلية في المنظمة والغير عامة ليتمكن الجميع من المشاركة عن بُعد. بث الدورات التدريبية المصغرة ليتمكن كم أكبر من الاستفادة. بث لقاءات لشخصيات مهمة في المنظمة للإجابة على استفسارات المجتمع. بث وتصوير مشاريع المنظمة ليبقى المجتمع على اطلاع بمقدار الإنجاز فيها. https://www.mozn.ws/10368

التعليقات (0)

قم بتسجيل الدخول لتتمكن من إضافة رد