قصص الأطفال والتقنية
التصنيف | كتب وملخصات |
وقت النشر |
2020/10/24
|
الردود |
0
|
يُعدّ التطوّرُ سمةً أساسيّةً في حياةِ الإنسانِ، ولذلك كان طبيعيًّا أن يتّسِمَ الإبداعُ المُصاحبُ لهذه الحياة هو الآخر بالتطوّر والتّجدّد، وهذا ما يحاولُ الكاتبُ المعاصرُ فهمَهُ واستيعابَهُ، ومن ثَمَّ مواكبتَهُ في نسيجِ ما يقدِّمُهُ من كتابات موجّهة إلى الأطفال؛ لتأتي كتابتُهُ في نهاية المطاف معبرةً عن التطوّر النفسيّ والفكريّ لطفل الألفيّة الثالثة، الذي أصبح أكثرَ استئناسًا بالفضاءات الرقمية التي يشكّلها عالم الحاسوب المؤسّس برمجيًّا على نظام العدّ الثنائيّ المكون من الرقميْنِ: (1/0)، ولذلك يُوصف بالوسيط الرقميّ، حيث ترتكزُ عملية الرقمنة بصورة أساسيّة على عدّة أساليب تُسْتَخدمُ مفردة أو متضافرة، على رأس هذه الأساليب أسلوبُ التكويد أو التشفير codification الذي يُستخدم لتمثيل النصوص المكتوبة، حيث يُعطى لكل حرف من حروف الألفباء كودًا رقميًّا، لتحل سلاسل الأرقام محل سلاسل الحروف في الكلمات، ومن ثم الجمل وما عداها من نصوص. في السياق نفسه يرى " فيليب بوطز" أن "القول بأن الحاسوب يُستخدم وسيطًا يعني في المقام الأول أنه يُستعمل من لدن الكاتب لخلق عمل أدبي، ومن لدن القارئ لقراءة هذا العمل. بعبارة أخرى، إن العمل الأدبي لا يترك أبدًا جهاز الكمبيوتر، وهذا هو ما يجعل منه وسيطا للعمل الأدبي".
إن طفولة الفضاءات الرقمية تختلف عن الطفولة التّراثيّة (مرحلة ما قبل الرقمية) في أنّها الآن في حالة من التشبّع المستمر بالتكنولوجيّا، من التلفاز إلى الإنترنت، ومن ألعاب الكمبيوتر إلى الحاسبات الشخصية، ومن مسجلات الفيديو النَّقّالة إلى الهواتف المحمولة، ويبدو أنّ الأطفال مرتبطون بها، ويحاولون التوافق معها، وهذا التفاعل المتزايد بينهم وبين التكنولوجيا يطرحُ أسئلةً مهمةً حول كيفية فَهْم طبيعة الطفولة في المجتمع المتحضر الحالي، وما طبيعة التغيّرات التي يمكن أن تُتيحها التكنولوجيا في العوالم الاجتماعيّة للأطفال؟ إضافةً إلى ذلك بات من الضروريّ أن نتساءَلَ كلٌّ في موقعه الذي يشغلُهُ: هل أصبح مناسبًا اليوم في ظلّ ما نشهدُهُ من ثورة معلوماتيّة ألقتْ بظلالها على كافة مناحي الحياة؛ أن نخاطِبَ الطفل بالأساليب اللغويّة التقليديّة التي استُخدِمت إبداعيًّا لفترات طويلة عبر الوسيط الورقيّ، أم أنَّ الأمر يتطلَّبُ تجديدًا خطابيًّا يتلاءمُ مع التجديد الذي وصلت إليه عقليةُ طفل هذه الثورة؟
رغبةً في محاورة مثل هذه التساؤلات المنطقيّة التي يفرزُها التحوّل الذي طرأ على واقعنا المعاصر نتيجة ظهور الوسيط الرقمي؛ حاول كُتّاب قصص الأطفال مسايرةَ هذا الواقع المتغيّر، بهدف مخاطبة الطفل بنفس اللغة التي يُجِيدُها اليوم، الأمر الذي أدّى إلى ظهور قصص موجّهة إلى الأطفال تُحاكي بيئة الحاسوب (موضوعيًّا وفنيًّا)؛ بغيةَ تقديم نصٍّ مُقْنِعٍ يتناسبُ في موضوعاته ولغته مع عقليّةِ هؤلاء الأطفال، وهو ما سنتناوله في السطور القادمة من خلال مناقشة محورين، هما:
المحور الأول: مستويات حضور الوسيط الرقمي ( الحاسوب) في القصة المكتوبة ورقيًّا.
المحور الثاني: القصة الرقمية المولدة إلكترونيًّا.
محمد محمود حسين |
التعليقات (0)
لم يتم إضافة ردود حتى الآن...